والمعراجُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم في اليقظَةِ.
قال الشارح: (والمعراج لرسول الله عليه الصلاة والسلام في اليقظة بشخصه إلى السماء، ثم إلى ما شاء الله تعالى من العلى حقٌ) أي ثابت بالخبر المشهور، حتى إن منكره يكون مبتدعاً. وإنكاره وادعاء استحالته إنما يبتنى على أصول الفلاسفة، وإلا فالخرق والالتئام على السموات جائز. والأجسام كلها متماثلة يصح على كل ما يصح على الآخر، والله تعالى قادر على الممكنات كلها، فقوله: (في اليقظة) إشارة إلى الرد على من زعم أن المعراج كان في المنام، على ما روي عن معاوية أنه سئل عن المعراج فقال: كانت رؤيا صالحة.
قال الخيالي:
قوله: (أي ثابت بالخبر المشهور) يفهم منه أن المعراج من السماء أيضا مشهور وما ثبت بطريق الآحاد هو خصوصية ما إليه من الجنة وغيرها
قال السيالكوتي:
قوله(يفهم منه أن المعراج…إلخ) وذلك لأن الحق المفسر بالثابت بالخبر متعلق بالمجموع فيكون المعراج من السماء إلى العلا أيضًا مشهوراً.
قوله: (وما ثبت بطريق…إلخ) يعني كون المعراج من السماء إلى العلا أيضًا مشهورًا ليس مخالفًا، ذكره الشارح فيما بعد من قوله: ومن السماء إلى الجنة أو إلى العرش أو إلى غير ذلك آحاد؛ لأن ما ثبت بطريق الآحاد هو خصوصية ما إليه من الجنة أو إلى العرش أو إلى طرف العالم لا إلى مطلق العلاحتى ينافيه.
بشخصِهِ
قال الشارح: وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما فقد جسد محمد عليه السلام ليلة المعراج، قد قال تعالى: ﱡﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ. وأجيب بأن المراد الرؤيا بالعين، والمعنى ما فقد جسده عن الروح، بل كان مع روحه وكان المعراج للروح والجسد جميعاً. وقوله: (بشخصه) إشارة إلى الرد على من زعم أنه كان للروح فقط، ولا يخفى أن المعراج في المنام أو بالروح ليس مما ينكر كل الإنكار، والكفرة أنكروا أمر المعراج غاية الإنكار، بل وكثير من المسلمين قد ارتدوا بسبب ذلك.
قال الخيالي:
قوله: (وأجيب بأن المراد الرؤيا بالعين) وقد يجاب أيضا بأن المراد رؤيا هزيمة الكفار وغزوة بدر وقيل هي رؤيا أنه سيدخل مكة وقيل سماها رؤيا على قول المكذبين نحو قوله تعالى: ﱡﭐ ﱆ ﱇ ﱠ.
قوله: (و المعنى ما فقد جسده) والأولى أن يجاب بأن المعراج كان مكررا مرة بشخصه ومرة بروحه وقول عائشة رضي الله عنها حكاية عن الثانية.
قال السيالكوتي:
قوله: ( وقد يجاب بأن المراد…إلخ) أي قد يجاب عن الاستدلال بالآية بأنا سلمنا أن المراد بالرؤيا الرؤيا في المنام لكن لا نسلم أن الآية نازلة في شأن المعراج، فإن المراد بالرؤيا الواقعة فيها رؤية هزيمة الكفار في غزوة بدر فإنه عليه السلام رأى في المنام هزيمة الكفار قبل وقوعها، والآية نازلة في شأنه.
قوله: (وقيل) أي في الجواب عن الآية سلمنا أن المراد الرؤيا في المنام لكن المراد بها رؤيا أنه سيدخل مكة فإنه رآها قبل دخوله فيها على ما قال الله تعالى: ﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﱠ الآية.
قوله: (وقيل…إلخ) أي في الجواب عن الآية سلمنا أن المراد بالرؤية الرؤيا في المنام وأن الآية نازلة في شأن المعراج، لكن تسميته رؤيا على طريق المشاكلة لقول المكذبين، فإنهم كانوا يقولون: إنها كانت رؤيا فسماه الله تعالى بها تهكمًا واستهزاء بهم كما في قوله تعالى: ﱡﭐ ﱆ ﱇ ﱠ فإن المشركين كانوا يسمون ما يعبدونه شركاء فسماه الله تعالى شركاء أيضًا بطريق المشاكلة لقولهم تهكمًا بهم واستهزاء.
قوله: (والأولى أن يجاب…إلخ) إنما كان أولى لأنه قد وقع في بعض الروايات “ما فقد جسد محمد ليلة المعراج عن مشاهدة” ولا يخفى أن الجواب الذي ذكره الشارح لا يتم على هذه الرواية بخلاف هذا الجواب فإنه يتم على كلا الروايتين فكان أولى، ولأنه ليس على هذا الجواب صرف الحديث عن الظاهر المتبادر إلى الفهم هذا، لكن القول بتعددها من غير نص يدل عليه لا يخلو عن إشكال.
إلى السماءِ، ثم إلى ما شاءَ الله تعالى مِن العُلى حَقٌّ. وكراماتُ الأولياءِ حَقٌّ.
قال الشارح: وقوله: (إلى السماء) إشارة إلى الرد على من زعم أن المعراج في اليقظة لم يكن إلا إلى بيت المقدس على مانطق به الكتاب.
وقوله: (ثم إلى ما شاء الله تعالى) إشارة على اختلاف أقوال السلف، فقيل: إلى الجنة، وقيل: إلى العرش، وقيل: إلى فوق العرش، وقيل: إلى طرف العالم. فالإسراء وهو من المسجد الحرام إلى بيت المقدس قطعي ثبت بالكتاب، والمعراج من الأرض إلى السماء مشهور، من السماء إلى الجنة أو العرش أو غير ذلك آحاد. ثم الصحيح أنه عليه السلام إنما رأى ربه بفؤاده لا بعينه. (وكرامات الأولياء حق) والولي هو العارف بالله تعالى وصفاته بحسب ما يمكن، المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصي المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات. وكرامته ظهور أمر خارق للعادة من قبله غير مقارن لدعوى النبوة، فما لا يكون مقروناً بالإيمان والعمل الصالح يكون استدراجاً، وما يكون مقروناً بدعوى النبوة يكون معجزة. والدليل على حقية الكرامة ما تواتر عن كثير من الصحابة ومن بعدهم بحيث لا يمكن إنكاره خصوصاً الأمر المشترك مطلق خارق للعادة، وإن كانت التفاصيل آحاداً. وأيضاً الكتاب ناطق بظهورها من مريم ومن صاحب سليمان عليه السلام، وبعد ثبوت الوقوع لا حاجة إلى إثبات الجواز.
قال الخيالي:
قوله: (يكون استدراجا) إن وافق غرضه وإلا يسمى إهانة كما روى أن مسيلمة الكذاب دعى لأعور أن تصير عينه العوراء صحيحة فصارت عينه الصحيحة عوراء وقد يظهر الخوارق من قبل عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكارة ويسمى معونة قالوا الخوارق أربعة معجزة وكرامة ومعونة وإهانة، فيه نظر بل هي ستة بضم الإرهاص والاستدراج.
قوله: (وأيضا الكتاب ناطق…إلخ) إن قيل الأول إرهاص لنبوة عيسى أو معجزة لزكريا عليهما السلام والثاني معجزة لسليمان عليه السلام قلنا نحن لا ندعي إلا ظهور أمر خارق عن بعض الصالحين بلا دعوى النبوة وقصد إثباتها ولا يضرنا تسميته إرهاصا أو معجزة لنبي هو من أمته وسياق الآيات يدل على أنه لم يكن هناك دعوى النبوة ولا قصد التصديق بل لم يكن لزكريا عليه السلام علم بذلك وإلا لماسأل بقوله ﱡﭐﳔ ﳕ ﳖﱠ كذا في شرح المقاصد، وفيه بحث لأن الخوارق الإرهاصية ليست من محل النزاع وإلا فالنزاع لفظي ولا يخفى فساده على أن سؤال زكريا يحتمل أن يكون امتحانا لمعرفة مريم.
قال السيالكوتي:
قوله: (وفيه نظر بل هي ستة بضم الإرهاص…إلخ) لم يجعل السحر داخلًا؛ لأنه ليس من الخوارق على ما مر في صدر الكتاب، ووجه الضبط أن الخارق إما ظاهر عن المسلم أو الكافر، والأول إما أن لا يكون مقرونًا بكمال العرفان وهو المعونة أو يكون، وحينئذ إما مقرون بدعوى النبوة فهو المعجزة أو لا، وحينئذ لا يخلوا إما أن يكون ظاهرًا من النبي قبل دعواه فهو الإرهاص أو لا فهو الكرامة، والثاني أعني الظاهر على يد الكافر إما أن يكون موافقًا لدعواه فهو الاستدراج أو لا فهو الإهانة.
قوله: (فيه بحث لأن الخوارق الإرهاصية…إلخ) يعني لا نسلم أن المدعى ليس إلا ظهور أمر خارق عن بعض الصالحين مطلقًا، بل المدعى ظهور أمر خارق عن بعض الصالحين سوى الأنبياء؛ لأن الخوارق الإرهاصية ليست محل نزاع، فإن المعتزلة أيضًا قائلون بها وإلا؛ أي وإن كانت الخوارق الإرهاصية محل النزاع أيضًا يكون النزاع فيها لفظيًا في مجرد التسمية، فإن أهل السنة يسمونها كرامة، والمعتزلة إرهاصًا ولا يخفى فساد ذلك.
قوله: (على أن سؤال زكريا…إلخ) بحث على قوله: بل لم يكن لزكريا علم بذلك، وحاصلها أنا لا نسلم ذلك قولكم وإلا لما سأل بقوله: أنى لك هذا، قلنا: يجوز أن يكون السؤال امتحانًا لمعرفة مريم بمعجزته.
فَيُظهِرُ الكرامةَ على طريقِ نقضِ العادَةِ للولي من قطعِ المسافَةِ البعيدةِ في المُدةِ القليلةِ، وظهورِ الطعامِ والشرابِ واللباسِ عند الحاجَةِ. والمشيِ على الماءِ، والطيرانِ في الهواءِ، وكلامِ الجَمَادِ والعجماءِ.
قال الشارح: ثم أورد كلاماً يشير إلى تفسير الكرامة وإلى تفصيل بعض جزئياته المستبعدة جداً فقال: (فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للولي من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة) كإتيان صاحب سليمان عليه السلام وهو آصف بن برخيا على الأشهر بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف مع بعد المسافة. (وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة) إليها كما في حق مريم فإنه قال تعالى: ﱡﭐﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﱠ. (والمشي على الماء) كما نقل عن كثير من الأولياء. (والطيران في الهواء) كما نقل عن جعفر بن أبي طالب ولقمان السرخسي وغيرهما. (وكلام الجماد العجماء واندفاع المتوجه من البلاء وكفاية المهم من الأعداء)، أما كلام الجماد فكما روي أنه كان بين يدي سليمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما قصعة فسبحت وسمعا تسبيحها. وأما كلام العجماء فتكليم الكلب لأصحاب الكهف، وكما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها إذا التفتت البقرة إليه وقال: إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث، فقال: سبحان الله بقرة تكلم، فقال النبي عليه السلام: آمنت بهذا”.
قال الخيالي:
قوله: (بينا رجل…إلخ) اعلم أن بينا بألف الإشباع وبينما بما المزيدة من الظروف الزمانية اللازمة الإضافة إلى الجملة الإسمية وفيهما معنى المجازاة فلا بد لهما من جواب فإن تجردا عن كلمتي المفاجأة فهو العامل وإلا فالعامل معنى المفاجأة في تلك الكلمتين.
قوله: (فقال الناس…إلخ) أي: عند حكاية النبي عليه السلام هذه القصة التي سمعها من الملك قال الناس متعجبا (بقرة تكلم) أي: تتكلم بحذف إحدى التائين فقال عليه السلام آمنت بهذا أي صدقت الملك فيما سمعت منه من تكلم البقرة.
قال السيالكوتي:
قوله: (اعلم أن بينا بألف الإشباع…إلخ) اعلم أن بين مصدر بمعنى الفراق، فتقدير جلست بينكما أي مكان فراقكما، وجلست بين خروجك ودخولك أي زمان فراقهما وهو لازم الإضافة إلى المفرد، فلما قصد إضافته إلى الجملة أشبعت الفتحة فتولدت الألف ليكون دليلًا على عدم اقتضائه المضاف إليه؛ لأنها إنما تأتي للوقف أو زيدت ما الكافة في آخرها؛ لأنها تكف المقتضى عن الاقتضاء.
قوله: (وهو من الظروف الزمانية…إلخ) فإنه إذا زيدت في آخره الألف أو كف بما وأضيف إلى الجملة لا يكون إلا للزمان، وإن كان عند إضافته إلى المفرد مستعملًا في الزمان والمكان كما ذكرنا؛ لأنه لا يضاف من ظروف المكان إلى الجملة إلا حيث، وأما كونها لازمة الإضافة إلى الجملة الاسمية فمما وقع في اللباب، لكن قال الشارح الرضي: يدخلان الماضي والمستقبل أيضًا، وقال ابن مالك: يلزمان الإضافة إلى الجملة، وما قيدها بالإسمية.
قوله: (وفيها معنى المجازاة) أي في بينا وبينما معنى الشرط كما في إذا وهو تعليق أمر بآخر.
قوله: (فإن تجرد عن كلمتي المفاجأة…إلخ) أي أن تجرد جوابه عن كلمتي المفاجأة وهما إذ وإذا كما في قول الأصمعي: فبينا نحن نرقبه أتانا، فهو العامل في بينا إذ لا مانع بمنعه عن العمل حينئذ، فمعنى قولنا: فبينا نحن نرقبه أتانا بين أوقات نحن نرقبه وإن لم يكن مجردًا عن كلمتي المفاجأة، فالعامل في بينا وبينما معنى المفاجأة الكائن في تينك الكلمتين أي كلمتي المفاجأة، وليس العامل هو الجواب؛ لأنه مجرور بإضافة إذ وإذا إليه، وما في صلة المضاف إليه لا يتقدم على المضاف؛ لأنها لم يعهد كلمة واحدة بعض أجزائها مقدم من وجه مؤخر من وجه آخر، فكذلك ما هو بمنزلتها في المعنى، فمعنى قوله: بينما رجل يسوق بقرة إذا التفتت البقرة فجاء زمان التفات البقرة بين أوقات رجل يسوق، هكذا حققه في شرح اللباب، ولعل هذا مبني على تجريد إذ وإذا عن معنى الظرفية وإلا فلا يخلو إما أن يكونا ظرفي مكان كما هو مذهب المبرد فيكون العامل فيهما هو الجواب، كما أنه عامل في إذ وإذا؛ لأن إذ وإذا حينئذ غير مضاف إليه حتى يمتنع عمله، فإن ظرف المكان لا يضاف إلى الجملة إلا حيث أو ظرف الزمان كما هو مذهب الزجاج وهو فاسد؛ لأنه لا يكون لفعل واحد ظرفان، والأحسن ما قال الشارح لرضي في بيان إعرابهما المحلي عند دخول إذ وإذا في جوابهما: إن إذ وإذا إن كانا ظرفي مكان غير مضافين فالعامل هوالجواب لعدم المانع فكان إذ وإذا منصوبين في محل على أنهما ظرفا مكان له، وبينا وبينما على أنهما ظرفا زمان له، فتقدير بينا زيد قائم إذا رأى هذا رأى هذا بين أوقات قيام زيد في ذلك المكان أي مكان قيامه، وإن كانا ظرفي زمان فهما مضافان مخرجان عن الظرفية مبتدآن خبرهما بينا وبينما فالتقدير وقت رؤية زيد هذا كائن بين أوقات قيامه.
وغيرِ ذلك من الأشياءِ، ويكونُ ذلكَ معجزةً للرسولِ الذي ظَهرتْ هذه الكَرامَةُ لواحدٍ من أمّتِهِ، لأنه يَظهَرُ بها أنه وليٌّ ولنْ يكونَ وليًّا إلا أنْ يكونَ مُحقًّا في دِيَانَتِهِ، وديانتُهُ الإقرارُ برسالةِ رسولِهِ.
قال الشارح: (وغير ذلك من الأشياء) مثل رؤية عمر رضي الله عنه وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى إنه قال لأمير جيشه: يا سارية الجبل الجبل تحذيراً له من وراء الجبل لمكر العدو هناك، وسماع سارية كلامه مع بعد المسافة، وكشرب خالد رضي الله عنه السم من غير تضرر به، وكجريان النيل بكتاب عمر رضي الله عنه وأمثال هذا أكثر من أن تحصى. ولما استدل المعتزلة المنكرون لكرامة الأولياء بأنه لو جاز ظهور خوارق العادات من الأولياء لاشتبه بالمعجزة فلم يتميز النبي من غير النبي أشار إلى الجواب بقوله: (ويكون ذلك) أي: ظهور خوارق العادات من الأولياء أو الولي الذي هو من آحاد الأمة (معجزة للرسول الذي ظهرت هذه الكرامة لواحد من أمته لأنه يظهر بها) أي: بتلك الكرامة (أنه ولي ولن يكون ولياً إلا وأن يكون محقاً في ديانته وديانته الإقرار) باللسان والتصديق بالقلب (برسالة رسوله) مع الطاعة له في أوامره ونواهيه، حتى لو ادعى هذا الولي الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن ولياً ولم يظهر ذلك على يده. والحاصل أن الأمر الخارق للعادة فهو بالنسبة إلى النبي عليه السلام معجزة سواء ظهر ذلك من قبله أو من قبل آحاد من أمته، وبالنسبة إلى الولي كرامة لخلوه عن دعوى نبوة من ظهر ذلك من قبله، فالنبي لا بد من علمه بكونه نبياً، ومن قصده إظهار خوارق العادات ومن حكمه قطعاً بموجب المعجزات بخلاف الولي.
قال الخيالي:
قوله: (أشار إلى الجواب بقوله…إلخ) حاصله أن الاشتباه عند ادعائه الرسالة لنفسه وهو مستحيل منه لأنه متدين مقر برسالة رسوله وعند
عدم الادعاء اشتباه لأنه كرامة له ومعجزة لرسوله وقد سبق في صدر الكتاب أن عد الكرامة معجزة إنما هو بطريق التشبيه لاشتراكهما في الدلالة على حقية دعوى النبوة فتذكر.
قال السيالكوتي:
قوله: (وهو مسحيل منه لأنه متدين…إلخ) حتى لو ادعى الرسالة لا يظهر على يده الخارق عادة.
قوله: (وقد سبق في صدر الكتاب…إلخ) إشارة إلى ما يقال: كيف تكون الكرامة معجزة لنبيه؟ لأن المعجزة مأخوذة في مفهومها أن يكون مقرونًا بالدعوى ولا دعوى في الكرامة، وحاصل الدفع إن عدها من المعجزة من قبيل الاستعارة المبنية على التشبيه لا على سبيل الحقيقة فلا إشكال.